خاص-بناء:
على الرغم من كونها واحدة ضمن أبرز المناطق اليمنية المتميزة بالجمال الطبيعي الخلاب، إلا أن الوصول إلى مناطق مديرية ومحمية عتمة بمحافظة ذمار ذات التضاريس الجبلية الوعرة ليس من السهل بمكان نتيجة لغياب الطرقات المعبدة التي تصل إلى معظم قرى وعزل المديرية، قد يكون ذلك سببا كافيا وراء حرمان الكثير من اليمنيين فرصة لزيارتها والتعرف عليها عن قرب، إلا أنه السبب الأبرز لمعاناة أهلها خلال العقود والسنوات الماضية ودفعهم إلى تبني نهج المبادرات التعاونية كخيار لحلحلة مشاكلهم الخدمية التي يأتي في مقدمتها الطرقات.
مؤخرا نشطت في المديرية العديد من المبادرات التعاونية، يأتي على رأسها مشروع شق وتعبيد طريق قرم مخلاف السمل، بطول 22 كيلو متر و بتكلفة ستتجاوز 3 مليارات ريال يمني عند اكتماله ليخدم أكثر 30 ألف نسمة من أهالي خمس عزل بمخلاف السمل(عزلة حلمه و بني عبدالصمد وبروة وبني بعيث وحمير ورازح بني أسد)، ويربط مديرية عتمة بمحافظة ريمة، بحسب رئيس اللجنة المجتمعية والمدير التنفيذي لمشروع طريق قرم شقر السمل، غيلان الشرع، في حديثه لـ”بناء”.
بداية
ويوضح الشرع أن فكرة المشروع جاءت من الحاجة إليه، قائلا: بدأنا نفكر برفع المعاناة وتحقيق الحلم الذي كان حجر عثرة أمام المجتمع وهو مشروع الطريق المتعثر منذ أكثر من عشرين عام، عانينا فيها من توفير أبسط الخدمات بسبب وعورة الطريق، كان الناس ينقلون أمراضهم على النعش وحملا على الأكتاف ويقطعون مسافة كبيرة تصل إلى أكثر من عشرة كيلو متر تقريبا”.
بدأ العمل في المشروع في عام 2021، وتم تقسيمه إلى قسمين الأول ويتضمن 11 كيلو، تم إنجاز منها بتكلفة تصل إلى 400 مليون ريال يمني منها 55 مليون ريال حصل عليها المشروع كدعم من مؤسسة محلية، فيما ينجز الأهالي حاليا المرحلة الثانية من المشروع وقد تم صرف أكثر من 350 مليون ريال منها 65 مليون ريال كدعم من مؤسسة محلية، بمعنى أن مجموع ما صرف في كلا المرحلتين حتى اللحظة يبلغ 750 مليون ريال، منها 120 مليون كدعم خارجي، والباقي مشاركة من قبل الأهالي والتجار.
ويلفت الشرع إلى أن المرحلة الثانية من المشروع “وتضمن مسافة 11 كيلو أخرى يتم العمل فيها بمبادرات مجتمعية من أبناء عزل بني عبد الصمد وبني بعيث وغيرها، وتبدأ من بداية وادي رماع القارع شقر السمل، ويتم فيها رصف العقبات الصعبة، حيث وصل نسبة الرصف إلى مايقارب 3 كيلو متر حاليا، بتكلفة تقارب 500 مليون ريال، جمعت 350 ميلون منها كتبرعات للمواطنين والتجار، فيما حصلت المبادرة على 150 مليون من جهة داعمة”.

توطين أدوات العمل
ما تميزت به مبادرة أبناء عتمة عن كل المبادرات التعاونية هو في تطوينها أدوات العمل، حيث تم شراء معدات( البكلين ودركتل، كمبوريشان هواء، وقلاب وسيارة وغيرها من المعدات) من قبل رئيس مجلس إدارة المشروع الشيخ أحمد الشرع وبعض التجار في المنطقة، ذلك ساهم في تخفيف التكلفة الإجمالية للمشاريع بشكل كبير، حيث تعمل تلك المعدات مجانا وتتكفل إدارة المشروع بالمحروقات والوقود.
المشروع الذي وصل إلى نسبة نجاح تتجاوز 60% بحسب تقدير ادارته وتميز ببناء 16 جدار ساند للطريق وبمواصفات هندسية مدروسة ومتعارف عليها، تقف أمام اكمال إنجازه حاليا الصعوبات المادية لذا فإنه يحتاج إلى دعم وتكاتف من الجهات المعنية والتجار ورؤوس الأموال وكل الخيرين ومحبين التنمية في الوطن، بحسب الشرع.
وأشار الشرع إلى أن المشروع الذي جاء بعد العديد من المبادرات التعاونية المتمثلة في دفع رواتب الموظفين وبناء ثلاث وحدات صحية، نشط حراكا تنمويا واسعا لشق الطرق في المنطقة، حيث انجز ويعمل حاليا بما يقارب عشرة مشاريع لشق الطرقات وتعبيدها بشكل ذاتي من الأهالي.
تستحق المبادرات التعاونية التي تقام بمديرية عتمة وبمقدمتها مشروع طريق قرم مخلاف السمل الدعم الكبير والإعانة لإنجازها لما فيها من اسهام بتخفيف معاناة المواطنين وكسر العزلة عن مناطق وعزل مكتظة بالسكان، بالإضافة إلى كون تلك التجارب ملهمة بحد ذاتها كونها تأتي في وقت الحرب والظروف الصعبة.