بعد أكثر من أربعة عقود من التجاهل.. التعاونيات تعود لاستكمال تشييد مدرسة الزهراء بالسلام

فيتشر-أحمد الكمالي:

مثّل تَصدُر إحدى طالبات «مدرسة الزهراء للبنات» في عزلة عزبان بمديرية السلام-تعز (أكثر 250 كيلو متر جنوب العاصمة صنعاء)، قائمة أوائل الجمهورية في نتائج الثانوي العامة للقسم العلمي، انتصارًا كبيرًا لأهالي العزلة، الذين شيّدوا مبنى جديد للمدرسة هو في مرحلته الأخيرة، بعد سنوات طويلة من اضطرار فتياتهم للدراسة تحت ظلال الأشجار و داخل فصول ترابية متهالكة، بَنَتها «هيئة التعاونيات» في المنطقة في سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي، وظلت كما هي عليه باستحداثات بسيطة، حتى عاد الأهالي مجددًا للعمل التعاوني التنموي و استكمال بناء المدرسة.

الطالبة ديانا الحميري (حاصلة على الترتيب التاسع ضمن أوائل الجمهورية، القسم العلمي، 2021 /2022)، تتحدث عن ظروف دراستها في فصول المدرسة قبل تشييد المبنى الجديد، بالقول،” كنت أشعر أن السيارات التي تمر بالطريق ستسقط فوق رؤوسنا أثناء تواجدنا في الصف المدرسي الذي يقع تحت مستواها تمامًا، دائما ما كنا نترقّب بخوف متى ستسقط بقايا الخشب المتهالكة والأحجار فوق رؤوسنا”.

 

تجاهل ومعاناة

على رغم أن مَدرسة الزهراء، هي الوحيدة للبنات في عزلة يتجاوز عدد سكانها ثلاثة آلاف نسمة وفقا لآخر إحصاء سكاني عام 2004، وتضم حاليا ما يقارب 400 طالبة في مختلف مستوياتها التعليمية من الابتدائية إلى الثانوية إلا أنها ظلت تعمل لأكثر من أربعة عقود بأربعة فصول ترابية، سقط اثنين منها خلال الخمس السنوات الماضية، وأربعة أخرى لا تقل عن سابقاتها تهالكا سوى أن جدارها المبني من الطوب و الإسمنت مطلع الثمانينات مازال يسند نفسه، حيث لا يوجد تحت تصرف المدرسة فصول كافية ولا مرفقات للإدارة ولا مكتبة ولا دورة مياه ولا سور يحول بينها و المارّة.

وتوضح أستاذة مادة العلوم للصفوف الأساسية، هدى كامل، في حديثها لـ«بناء»،” عملنا في بيئة غير صالحة للتدريس تماما، تقسم الطريق العام فصول المدرسة المتناثرة، الأمر الذي يفقد الطالبات القدرة على التركيز”.

وتضيف، لا شيء كان يدل على أننا في مدرسة سوى مثابرة إدارتها وكوادرها وإصرارهم على تحسين جودة التعليم وعدم خروج المدرسة عن الخدمة وما سيترتب على ذلك من متاعب لطالبات العزلة في البحث عن مدارس أخرى تبعد كثيرا عن نطاق سكنهن ما قد يحول دون مواصلة تعليم الكثير منهن.

أكثر من 400 طالبة منتسبات مدرسة الزهراء في مراحلها الدراسية المختلفة”

دعوة ومبادرة

في بداية العام الدراسي لسنة 2019، وبعد أن زادت احتمالية سقوط الفصلين الترابيين المتبقيين، على رؤوس الطالبات، في أي لحظة، وبعد يأس الإدارة من تكفُل الجهات المختصة بتشييد بناء المدرسة المستحق والمكتمل بالذات بعد اندلاع الحرب، اطلقت إدارة المدرسة نداء استغاثة للأهالي عبر الرسائل المباشرة والمرسلة عبر برامج التواصل الاجتماعي لتحمل مسؤولياتهم، بحسب مدير المدرسة سيف نعمان، في حديثه لبناء.

ويشير نعمان إلى أن أهالي العزلة الذين كان ابائهم قد شيدوا نواة المدرسة بجهد تعاوني قبل أكثر من أربعة عقود، سارعوا بالاستجابة لنداء إدارة المدرسة، فتم “تشكيل لجنة مجتمعية يرأسها مدير المدرسة وبعضوية ستة أخرين، تتولى استقبال الدعم وتنظيم العمل لإنشاء ثلاثة فصول جديدة للمدرسة، قبل أن يتطور المشروع إلى ثمانية”.

أشهر قليلة على دعوة إدارة المدرسة حتى كانت الثلاثة الفصول الأولى قد تم تشيدها، الأمر الذي حفز المواطنين على المضي في استكمال مشروع بناء خمسة فصول إضافية في المدرسة لتكون مع الأربعة الفصول الموجودة مرافق متكاملة للمدرسة من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية بالإضافة إلى مرفق لدورة مياه، فاستمرت أعمال التشييد ولو بشكل متقطع لأكثر من عام حتى تم استكمال بناء الثمانية الفصول بتكلفة تصل إلى 12 مليون ريال يمني أواخر عام 2020.

مشاركة متنوعة

ويوضح عضو اللجنة المجتمعية، مفيد قاسم، في حديثه لبناء، أن ” مشاركة الأهالي في المشروع تضمنت بالإضافة إلى تقديم الدعم المالي من قبل القادرين على البذل من التجار والمغتربين والمواطنين بشكل عام، التطوع المباشر بالعمل البدني من قبل الكثير منهم، وتكفل أحد المهندسين برسم مخطط للبناء ومضاعفة العمال لجهودهم المبذولة دون النظر لتكلفة الأجر، ولولا التعاون الذي بذل لكانت التكلفة أعلى بكثير مما أنفق.

ويلفت قاسم إلى أنه “على الرغم من عدم استكمال المشروع بشكل نهائي حيث ما تزال الفصول الدراسية بحاجة إلا تشطيبات ولمسات أخيرة من بلاط ورنج وكهرباء وأبواب لتكون مكتملة بالشكل الذي خطط له إلا أن المدرسة استخدمت تلك المرافق في التعليم خلال العامين الدراسين الماضين وصنع ذلك فارقا كبيرا.

وحول الأسباب التي حالت دون استكمال المشروع، يوضح عضو اللجنة المجتمعية أن “المشروع لم يتوقف نهائيا بقدر ما انتقلت الجهود التعاونية لمشروعات شق طرقات وعرة تربط بين بعض قرى ومحلات العزلة وتقديم يد العون لحالات إنسانية أو مصابة بأمراض خطيرة”

ويشير قاسم إلى أنه سيتم استكمال التبرعات لإنجاز ما تبقى من المشروع خلال الفترة القادمة، بالذات بعد تحمس الأهالي للنجاح البارز الذي حققته المدرسة والمتمثل في تصدر إحدى طالباتها لقائمة أوائل الجمهورية، في سابقة تكاد تكون الأولى من نوعها بين مدارس المنطقة خلال العشرين سنة الماضية.

المقالة التالية
طريق “قرم شقر مخلاف السمل”: مشروع طموح يحتاج الدعم والمساندة
المقالة السابقة
سد الحمة في جبن| مشروع تعاوني طموح

كتابات

حالة الطقس

+20
°
C
H: +22°
L: +14°
صنعاء‎
السبت, 27 كانون الثاني
أنظر إلى التنبؤ لسبعة أيام
الأحد الاثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة
+23° +23° +23° +22° +23° +22°
+14° +14° +14° +14° +14° +14°
شاهد أيضا